21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. محمد طاهري: إن الله قد فتح علينا أبواب البركات حين جعل طاعة الوالدين من طاعته

29 مارس 2015

إن من أجَلِّ صور عظمة هذا الدين تمجيده للبِر، وحثه الدائم على إتمام الصلة بالأهل وحُسن الصحبة، ويرى العلماء أن البر في حق الوالدين من أوجب الواجبات، التي لو أنفق المؤمن عمره في أدائها لكان ذلك من أفضل الجهاد، فهو من كمال الإيمان، وحُسن العمل، وهو طريق للجنة، وسبب للمغفرة، وزيادة في العمر، وبركة في الرزق.
وإذا كانت النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، فإن أعظم الناس إحسانا هما الوالدان، وبِرُّهما فضيلة لازمة، لا عُذر لأحد في جفائها، أو التهاون في أدائها.


حول هذا الموضوع يقول فضيلة الداعية الدكتور محمد هشام طاهري إن الله تبارك وتعالى قد قَرَن بين حقه وبين حق الوالدين في مواضع عدة من كتابه الكريم، وما ذاك إلا لنعلم أن حق الوالدين علينا عظيم، { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا } {الإسراء/23-25} فلنتأمل كيف أننا نُحسن إلى والدينا امتثالاً وعبادة لله جل في علاه، وهذا يعني أنهم إذا أخطئوا في حقك لا تلتفت، لأنك مأمور بأمر الله لك، وهذا يعني كذلك أنهم إن تغيروا عليك لا تضجر من صنيعهما، إن المرء البار بوالديه ينبغي أولا أن ينوي بذلك القربى إلى الله جل وعلا.

ثانيا: يقدم أنواعا من الإحسان، الإحسان القولي، والفعلي، بأن يتلطف بالقول ويترفق بهما في الفعل، ويراعي تقدمهما في العمر وتغير أحوالهما، فإذا كانت كلمة "أفٍ" منهِيٌ عنها في القرآن ، فكيف بمن يلقى بوالديه في دار العجزة؟ كيف بمن لا يسأل عنهما البتة؟ أو يسئ معاملتهما.


فتأمل كيف تخاطب أباك وأمك – يقول الشيخ طاهري - فذلة من لسانك قد تهوي بك في النار، حتى لو كان أبواك مذنبين، ينبغي أن تتأسى بأدب خليل الله إبراهيم الذي كان يخاطب أباه الكافر بقوله "يا أبتي"، فما بالك حين يكون أبوك صالحا وأمك مؤمنة! لذلك كان لقمان الحكيم إذا تكلم مع والديه يخفض صوته خشية أن يغضبهما فيغضب الله لذلك عليه، على مثل هذا النهج كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يطبقون هذا الكلام تطبيقا صارما، لا يحيدون عنه، وكتب السِيَر ملأى بقصص البِر وحُسن صحبة الأبوين.


ويرى الدكتور طاهري أن بعض الناس يتخذ والديه سُلّما، حتى إذا وصل استغنى عنهما، وشغلته الحياة الدنيا عن بر من كانوا سببا في مجيئه فيها، مؤكدا أن الله تبارك وتعالى أمرنا بأوامر عظيمة فقال }وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا { البقرة83، } وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا { الأحقاف 15، } وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ { العنكبوت8، فلا ينبغي أبدا أن نفرط في أمر قد كتبه الله على عباده المؤمنين.



أيها المسلم – يقول الشيخ - إنك تعلم علم اليقين أن الأب والأم كانا يعطيانك ولا يطلبان أجرا ، ويبذُلان ولا ينتظران شكرا، هل تجد إنسانا أحسن إليك أكثر من والديك؟ لو أن رجلا بذل كل ما يملك في سبيل إرضائهما ما كفاهما ذلك، فلا تتمنَّنْ على أمك، وإلا وقعت في العقوق، فهي لم تمُنٌّ عليك أن حملتك وهْنا على وهن، وقطعت من غذائها لتشبعك، ومن راحتها لتريحك، واعلم أن الله عز وجل قد فتح علينا أبواب البركات حين جعل طاعة والدينا من طاعته، فالوالدين هما أوسع أبواب الجنة كما قال العلماء.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت